يقول لك الرجل: «الموعد صباحاً». صباحاً؟ في أي ساعة من الصباح؟ في السادسة؟ في السابعة؟ في الثامنة؟ إنك مضطر إلى الانتظار هذه الساعات كلها. «الوعد بين الصلاتين»، وبين الصلاتين أكثر من ساعتين! «الوعد بعد العشاء»! أهذه مواعيد؟! هذه مهازل وسخريات، لقوم لا عمل لهم ولا قيمة لأوقاتِهم، ولا مبالاة لهم بكراماتهم!
هذه مواعيدنا في ولائمنا وحفلاتنا، وفي اجتماعاتنا الفردية والعامة.
دُعيت مرة إلى وليمة عند صديق لي قد حدد لها ساعة معينة هي الساعة الأولى من بعد الظهر، فوصلت مع الموعد فوجدت المدعوين موجودين إلا واحداً له عند صاحب الدار منزلة. وتحدثنا وحلت ساعة الغداء، وتوقعنا أن يدعونا المضيف إلى المائدة فلم يفعل، وجعل يشاغلنا بتافه الحديث ورائحةُ الطعام من شواء وقلاء وحلواء تملأ آنافنا، وتصل إلى معدنا الخاوية فتوقد فيها ناراً، حتى إذا اشتد بي الجوع قلت: هل عدلت عن الوليمة؟
فضحك ضحكة باردة وخالها نكتة، فقلت: يا أخي، جاء في الحديث أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. ونحن جماعة وهي واحدة، وهي قطة ونحن بشر!
فتغافل وتشاغل، ثم صرّح فقال: حتى يجيء فلان.
قلت: إذا كان فلان قد أخلف الموعد، أفنُعاقَب نحن بإخلافه؟ وهل يكون ذنبنا أنّا كنا غير مُخْلفين؟