وخلاصة القول أن الشارع قد فوض في أمر اللباس إلى حكم العادة، وما يليق بحال الإنسان؛ فإذا جرت العادة بلبس نوع من الثياب، وكان مستطيعًا له، فعدل عنه إلى صنفٍ أسفلَ منه أو أبلى -قَبُح به الحال، وكره له؛ لأن بذاذة اللباس ورِثَّته مما تقذفها العيون، وتنشز عنها الطباع، فتلقي بصاحبها إلى الهوان، والالتفات إليه بألحاظ الازدراء.
وأما الخروج عن المعتاد، والتطلع إلى ما هو أنفس وأغلى -فمرفوض كما مر.
قال المعري:
وإن كان في لبس الفتى شرف له ... فما السيف إلا غمدُه والحمائل
بل تجد أكثر الناس يَسْتَخفُّون بمن يتعدى طور أمثاله في ملبسه، ويعدونه سفهًا في العقل، وطيشًا مع الهوى. (?)
هذا وقد عُلم بالتَّتَبُّع والاستقراء أن كل عرف خالف الشرع فإنه ناقص مختل.
وهذه قاعدة مُطَّرِدة لا تنتقض. (?)