وإنما ترفع الأوطان رأسها، وتبرز في مظاهر عزتها بهمم أولئك الذين يقبلون على العلم بجد وثبات، ولا ينقطعون عنه إلا أن ينقطعوا عن الحياة، لا تحول بينهم وبين نفائس العلوم وعورةُ المسلك، ولا طول مسافة الطريق، بعزم يبلى الجديدان وهو صارم صقيل، وحرص لا يشفي غليله إلا أن يغترفوا من العلوم بأكواب طافحة. (?)
فالاشتغال بالعلم، والتزود منه -يثبته، ويزيده، ويفتح أبوابه.
ولو لم يأت من ذلك كله إلا أن الاشتغال بالعلم يقطع عن الرذائل، ويوصل إلى الفضائل.
قال ابن حزم: لو لم يكن من فائدة العلم والاشتغال به إلا أن يقطع المشتغل به عن الوساوس المضنية، ومطارح الآمال التي لا تفيد غير الهم، وكفاية الأفكار المؤلمة للنفس -لكان ذلك أعظمَ داعٍ إليه، فكيف وله من الفضائل ما يطول ذكره؟ . (?)
قال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالمًا ما تَعَلَّم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده -فهو أجهل ما يكون. (?)
كيف لا وهذا رسول الله " وهو المعلَّم والمزكَّى من الله -عز وجل - يأمره الله أن يقول: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114) .
قال الإمام الشافعي: