فلا تستنكف من التعلم، ولا تقنع بما لديك من العلم، فالعلم أساس ترفع عليه قواعد السعادة، ولا تنفتح كنوزه إلا بتدقيق النظر ممن تصدى للإفادة والاستفادة.
فيا أيها المعلم المبارك أعيذك بالله من صنيع بعض المعلمين؛ فما أن ينال الشهادة التي تؤهله للتعليم إلا وينبذ العلم وراءه ظهريًا، إما اشتغالًا عن العلم، أو زهدًا به، أو ظنًا منه أنه قد استولى بالشهادة على الأمد، وأدرك بها الغاية القصوى من العلم.
وما هي إلا مدة ثم ينسى كثيرًا مما تلقاه من العلم أيام الطلب، وإذا تمادى به الأمر كاد أن يعدَّ من جملة العوام.
فما ذلك المسلك بسديد ولا رشيد؛ فلم يقض حق العلم، بل لم يدر ما شرف العلم ذلك الذي يطلبه لينال به رزقًا، أو ينافس به قرينًا، حتى إذا أدرك وظيفة، أو أنس من نفسه الفوز على القرين -أمسك عنانه ثانية، وتنحى عن الطلب جانبًا.