فصحة التفكير والحكمِ على الأشياء، وجودةُ التصورِ والتصديقِ ليست منوطة بموهبة الذكاء.
بل هي منوطة بتربية النفس منذ الصغر على حب الخير والحق، والتجرد من الشرور والأهواء، والاهتمام بإدراك الأمور من جميع وجوهها، وإدراك الفروق بين المشتبهات عند التباسها.
وإذا تربى الفكر منذ الصغر على صحة التفكير نشأ صاحبه جيد التصور، سديد الحكم، محبًا للحق سواء كان له أو عليه.
وإذا كانت الثانية بات الرجل وليس فيه من الرجولية إلا اسمها. (?)
قال الشيخ الإبراهيمي في وصيته للمعلمين: بينوا لهم الحقائق، واقرنوا الأشباه بالأشباه، واجمعوا النظائر إلى النظائر، وبينوا لهم العلل والأسباب؛ حتى تنبت في نفوسهم من الصغر مَلَكَةُ التعليل؛ فإن الغفلة عن الأسباب هي إحدى المهلكات لأمتكم، وهي التي جَرَّتْ لها هذه الحيرة المستولية على شواعرها، وهذا التردد الضارب على عزائمها، وهذا الالتباس بين المتضادات في نظرها.
امزجوا لهم العلم بالحياة، والحياة بالعلم يأتِ التركيب بعجيبه، ولا تعمروا أوقاتهم كلها بالقواعد ...
وإنما القواعد أساس، وإذا أنفقت الأعمار في القواعد فمتى يتم البناء. (?)