مع المعلمين (صفحة 118)

يرى الخِمْصَ تعذيبًا وأن يلقَ شبعةً ... يَبِتْ قلبه من قلة الهم مبهما

(?)

ولا يعني ذلك ترغيب الإنسان ليعيش مجانبًا للزينة، ميت الإرادة عن التعلق بشهواته على الإطلاق.

وإنما يقصد من ذلك حكم أخرى، ومنها تعديل الأنفس الشاردة، وانتزاع ما في طبيعتها من الشَّرَهِ والطمع؛ لئلا يخرجا بها عن قصد السبيل، ويَتَطَوُّحا بها في الاكتساب إلى طرق غير لائقة.

كما لا يعني ذلك ألا تحرص على الترقي في سلَّم الوظيفة أو المرتبة العلمية، مما يزداد به علمك، وتعلو به مرتبتك وشرفك، فيكثر بذلك الانتفاع بعلمك، والاستفادة من جاهك.

لا، بل إن ذلك حسن مطلوب إذا كان الهدف الأسمى والغاية القصوى -نيل رضا الله، والحرص على نشر العلم، وتربية الأجيال على الخير.

وإذا اطلعت على أثر يقتضي البعد عن الوجاهة فإنه مصروف إلى الحرص في طلبها، والتصنع لإحراز سمعة في المجامع الحافلة، والبلاد القاصية.

وأما إذا اندفعت همة الرجل إلى المكارم بجاذب ابتغاء الفضيلة، وطفق ذكره يتسع على حسب مساعيه الحميدة -فذلك خير له من العزلة، والاختباء في زوايا الخمول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015