مع المعلمين (صفحة 111)

فالراحة الكبرى، والسعادة العظمى إنما تكون بالجد والاجتهاد؛ فأرْوح الناس أتعب الناس، وأتعب الناس أروح الناس:

بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها ... تنال إلا على جسر من التعب

أما إذا ركنَّا إلى الكسل، وألِفْنا البطالة فلن ندع الشكوى مهما أوتينا من وسائل الراحة؛ ولهذا لا تكاد تجلس إلى أحد من الناس إلا وتسمع منه مُرَّ الشكوى والأنين، وكثرة التوجع من حرقة لاذعة من هذه الحياة.

كل من لاقيت يشكو همه ... ليت شعري هذه الدنيا لمن

ترى الغنيَّ على ما هو فيه من رفاهية العيش ورغده يشكو كثرة مطالبه، وتعَدُّدَ واجبات الحياة التي تتطلب المزيد؛ فالكماليات عند غيره واجبات عنده، لا مَعْدَى عنها ولا محيص.

وترى الفقير يشكو هو الآخر حاله، ويألم لِحَظِّه في الحياة، وقد يشتد به الألم كلما نظر إلى الأغنياء في الدنيا، وقارن بين حاله وحالهم، ونسي أنه لو قنع بما قسم الله له لكان أغنى الناس. (?)

وبالجملة فإن حِمل المعلمين ثقيل، وأمانتهم عظيمة، ونردد مع شوقي قوله:

إني لأعذركم وأحسب عبئكم ... من بين أعباء الرجال ثقيلا

(?)

ونردد معه أيضًا:

فَكِلوا إلى الله النجاح وثابروا ... فالله خَيْرٌ كافلًا ووكيلا

(?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015