ومثله قول الشافعى -رضى اللَّه عنه-: "ما وجدت عليه متقدمى أهل المدينة فلا يدخل قلبك شك أنه الحق" (?).
وأما القول فى المزامير والملاهى، فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها، فمن ذلك:
ما روى عن على بن أبى طالب -رضى اللَّه عنه- قال: سمعت رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما هممت بشئ مما كان أهل المدينة يفعلونه غير مرتين، كل ذلك يحول بينى وبين ما أريد من ذلك، ثم ما هممت بعدها بشئ حتى أكرمنى اللَّه -عز وجل- برسالته" (?).
وهذا الأمر وإن كان قبل النبوة والرسالة، ونزول الأحكام أو الفرق بين الحلال والحرام، فإن الشرع كما ورد وأمره اللَّه -عز وجل- بالبلاغ والإنذار أقره اللَّه على ما كان عليه فى الجاهلية، ولم يحرّمه كما حرم ما عصمه اللَّه عنه مما همّ به فى كلتا الليلتين، وعصمه عن ذلك الأمر (?).
والذى يدل على أنه باق على الإباحة، قول اللَّه -عز وجل-: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (?).
وبيان ذلك ما روى عن جابر قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب قائمًا ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا. يخطب خطبتين. وكن الجوارى إذا أنكحوهن يمرون يضربون بالدف والمزامير فيتسلل الناس، ويدعون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائمًا فعاتبهم اللَّه -عز وجل- فقال: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (?).