واللَّه -عز وجل- عطف اللهو على التجارة، وللمعطوف حكم المعطوف عليه، وتحليل التجارة بالإجماع، فيثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه فى الجاهلية؛ لأنه غير محتمل أن يكون النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة، ثم يعاتب اللَّه -عز وجل- من ترك رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قائمًا، وخرج ينظر إليه ويستمع. ولم ينزل فى تحريمه آية ولا سنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله (?).

ويؤيد ذلك ما روى من طريق البخارى، عن عائشة فى كتاب النكاح. أنها زَفَّت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما كان معكم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو" (?).

وما روى فى التلخيص على المستدرك للحاكم من حديث عبد اللَّه بن عميرة، قال: حدثني زوج درة (?) بنت أبى لهب قال: دخل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين تزوجت درة، فقال: "وهل من لهو" (?). وبذلك استدل القيصرانى على الإباحة فقال:

فثبت بهذه الأحاديث الصحيحة ما قلناه وهو الإباحة، ومن صنف فى الرد على مستمعه إنما اعتمد على أن فلانًا كرهه، وأن فلانًا حرمه، أو باستدلال حديث لا أصل له، وليس لأحد إذا صح الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحل حرامًا، أو يحرم حلالًا. وقد ورد فى هذا الباب غير حديث يدل على الجواز.

فإن قيل تروون عن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: لا تشهد الملائكة من لهوكم هذا إلا الرهان والنضال.

فيجاب: بأن هذا الحديث فيه ضعف، والذى صح وأخرجه الحاكم: "ما من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015