بره، وسئل عن الغناء فأقر بتحليله (?). وقد اجتمع الأئمة على توثيق إبراهيم بن سعد، وعدالته، والرواية عنه، واتفق البخارى ومسلم على إخراج حديثه فى الصحيحين، ولم تسقط عدالته بفعله عند أهل العلم (?). فكيف تسقط عدالة المستمع؟ بل قلد القضاء ببغداد على جلالته، وقلد أبوه القضاء بالمدينة على شرفها، وقد علم من مذهبهما إباحة استماع الأوتار، وهؤلاء الذين رووا عنه -وهم أهل الحل والعقد فى الآفاق- إنما سمعوا عنه، وروا عنه بعد استماعهم غناءه وعلمهم بأنه يبيحه، وفيهم الإمام أحمد بن حنبل، ولا شك أنه سمع غناءه ثم سمع الحديث (?).
وهذا أمر لم يرد فى تحليله ولا فى تحريمه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نص يرجع إلى رسول اللَّه ويُعوّل عليه، فكان حكمه الإباحة لما سبق، وإنما تركه من تركه من المتقدمين تورعًا كما تركوا لبس اللين، وأكل الطيب، وشرب البارد، والاستمتاع بالنساء الحسان.
ومعلوم أن هذا كله حلال لفاعله، وقد ترك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل الضب، وسئل عنه أحرام هو؟ فقال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومى؛ فعافته نفسى. وأخذ وأكل بين يديه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
يقولى القيصرانى: ثم جاء قوم بعد هذا الصدر فغالوا القول فيه مخافة أن يشتغل الناس به عما هو أولى منه، ثم جاء قوم بعد هؤلاء فحرموه جهلًا وتقربًا إلى اللَّه -تعالى- بالزهد والصلاح، ولم يقفوا على حقيقة حكمه (?).
والراجح فى هذا الموضوع ما ذهب إليه أهل المدينة، فقد روى عن زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- أنه قال: "إذا رأيت أهل المدينة اجتمعوا على شئ فاعلم أنه سنة".