شغل بذلك - وإن كان في أعظم طاعة وأشرف (عبادة - عن أرفع مقام مما هو فيه وأشرف) (?) درجة، وفراغه لتفرده بربه وصفاء وقته وخلوص همه من كل شيء سواه، وأن ذلك غض من حالته هذِه العلية فيستغفر الله لذلك. وقيل: هو مأخوذ من (الغين)، وهو الغيم والسحاب الرقيق الذي يغشى السماء، وكأن هذا الشغل أو الهم يغشى قلبه ويغطيه عن غيره حتى يستغفر الله منه. وقيل: قد يكون هذا الغين: السكينة التي تغشى قلبه؛ لقوله: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الفتح: 26] واستغفاره لها إظهارًا للعبودية (والافتقار، ويحتمل أن يكون حالة خشية وإعظامًا يغشى القلب، واستغفاره شكرًا لله وملازمة للعبودية) (1)، كما قال: "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ " (?).
قوله: "فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ العُشْرُ" كذا في حديث أبي الطاهر عند مسلم (?)، ومعناه: المطر، والغيم: السحاب الرقيق.
قوله: "وَالسَّمَاءُ مُغِيمَةٌ" (?)، ويروى: "مُغَيَّمَةٌ"، و"مُغَيِّمَةٌ" وكله صحيح، وقد تقدم: أغامت السماء، وغيَّمت: إذا غشيها غمام.
قوله: "لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ" (?) أي: لا تنقصها ولا تقل عطاءها، يقال: غاض الشيء يغيض، وغضته أنا، ومنه: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} [الرعد: 8] أي: تنقص من مدة الحمل. وقيل: ما تسقطه قبل تمام مدته.