أنني إِذا أمرت فِيك بِأَمْر نسبت فِيهِ إِلَى الْقَصْد لقد كنت أتقدم بصلبك وَمَتى رجعت إِلَى مثلهَا أمرت بصلبك فَمن بعد ذَا لم يَجْسُر أحد أَن يذكر بَيت رَئِيس الرؤساء

وَأما ابْن الْكَرْخِي فَإِنَّهُ حضر عِنْد أستاذ الدَّار وعتب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْن الْكَرْخِي إِنَّمَا سخرت بِهِ حَتَّى خسر ألف ألف دِينَار وضحكنا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لقد عملت جيدا وَنِعما فعلت وَكَانَ مَعَ ذَلِك يضمر لِابْنِ الْكَرْخِي السوء وَيُدبر فِي هَلَاكه

وَأما علم الدّين ابْن رَئِيس الرؤساء فَإِنَّهُ خَافَ على نَفسه فَمضى إِلَى ابْن القصاب وَكَانَ حِينَئِذٍ فِي خدمَة الدَّار أستاذ يُرْسِلهُ إِلَى لجوانب فَسَأَلَهُ أَن يشفع لَهُ ويستوهب لَهُ ذَنبه فشفع لَهُ فوهبه جرمه وَسَأَلَهُ أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْحُضُور على طبقه فِي شهر رَمَضَان فَأذن لَهُ فِي ذَلِك

وفيهَا كَانَ الْفَرَاغ من بِنَاء دَار المسناة الَّتِي على شاطئ دجلة وَكَانَ الْمُتَوَلِي عمارتها الْحَاجِب الْأَعَز وَهِي أول دَار شرع الْخَلِيفَة فِي عمارتها للتنزه والفرجة وَهِي أول دَار فرشت طوابيق ملونة أَزْرَق وأحمر وَسَائِر الألوان وَكَانَ الْخَلِيفَة كثير الْمُلَازمَة لَهَا والحضور فِيهَا وَهِي من الدّور المستحسنة بنيت على طرف السُّور مِمَّا يَلِي دجلة قد غرم عَلَيْهَا أَمْوَالًا جمة وَلما تمّ عَملهَا نقل إِلَيْهَا فرسا كَثِيرَة وآنية من ذهب وَفِضة ورتب فِيهَا جمَاعَة من المماليك والخدم لحفظها وحراستها يلازمون الْخدمَة فِيهَا دَائِما وَإِلَى الْآن فَإِذا كَانَ رَاكِبًا فِي دجلة أَو على ظهر وَأَرَادَ الدُّخُول إِلَيْهَا تكون مهيأة للقعود فِيهَا وَالسُّكْنَى بهَا وَجعل لهَذِهِ الدَّار حُرْمَة قَاطِعَة كَحُرْمَةِ التَّاج الشريف بِحَيْثُ لَا يقدر أحد يقْعد تحتهَا وَلَا يدنو مِنْهَا إِلَّا إِن كَانَ سائرا فِي سفينة فَحسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015