وفيهَا أَكثر ابْن الْكَرْخِي من مدح بَيت رَئِيس الرؤساء وَذكر للخليفة أَن لعلم الدّين بن رَئِيس الوزراء بن أخي عضد الدّين الْوَزير زَوْجَتَيْنِ قد أَخذ مِنْهُمَا خمسين ألف دِينَار الْوَاحِدَة ابْنة عَمه دَار الذَّهَب وَالْأُخْرَى الزينبية بنت شرف الدّين الْوَزير الزَّيْنَبِي وَهُوَ يتَمَنَّى أَن يمْضِي إِلَى عِنْده وَيعْمل لنا دَعْوَة فَقَالَ لَهُ أفعل ذَلِك
وَكَانَ مُرَاد ابْن الْكَرْخِي أَن يعْطف قلب الْخَلِيفَة إِلَى بَيت رَئِيس الرؤساء ويبعده عَن أستاذ الدَّار فَعمل علم الدّين لَهُ ظَاهر دَعْوَة وَغرم عَلَيْهَا مَالا كَبِيرا وَاشْترى ثيابًا كَثِيرَة بِنَحْوِ من خمس مائَة دِينَار وَحملهَا إِلَى الشرابي وَحمل إِلَى جَمِيع من كَانَ يدْخل إِلَى الْخَلِيفَة أَشْيَاء من الثِّيَاب وَغَيرهَا وَمن الْهَدَايَا السّنيَّة وخلع على جَمِيع من عِنْده فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ ذَلِك فِي الدَّار الَّتِي فِي درب الزينبية الَّتِي عِنْد دَار الْوَكِيل ضِيَاء الدّين أبي السعادات بن النَّاقِد عِنْد عقد المصطنع
وَكَانَ جَمِيع مَا جرى فِي الدعْوَة فِي تِلْكَ السلسلة ينْقل إِلَى أستاذ الدَّار سَاعَة فساعة وَلَا يقدر أحد من الْحَاضِرين أَن يكتم ذَلِك عَنهُ وَكَانُوا يخَافُونَ من أستاذ الدَّار أَكثر من الْخَلِيفَة صلوَات الله عَلَيْهِ فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْد علم الدّين أبي طَاهِر بن رَئِيس الرؤساء قَالَ لَهُ ابْن الْكَرْخِي
طيب قَلْبك ولتكن غَدا على أهبة فَإِن الْخَلِيفَة يُرِيد أَن يَجْعَل أستاذ الدَّار وزيرا ويجعلك أَنْت أستاذ الدَّار فَلَا تجْعَل لنَفسك شغلا فَمضى علم الدّين إِلَى بعض أَهله وَحصل مِنْهُ سيف ركاب وجناقات وَآلَة تصلح لأستاذية الدَّار وَأقَام بعض غلمانه سلَاح دَار وَأصْبح يرتقب من يَأْتِي إِلَيْهِ من دَار الْخلَافَة فَلَمَّا نقل ذَلِك إِلَى أستاذ الدَّار من ليلته نفذ من صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة وَأنكر على علم الدّين ابْن رَئِيس الرؤساء على لِسَان مَحْمُود الشرابي وَكَانَ يتحبب لأستاذ الدَّار وَقَالَ لَهُ وَالله لَوْلَا أَن أهل بَغْدَاد يَعْتَقِدُونَ أنني أقصد بَيت رَئِيس الرؤساء وَلَوْلَا