نفر قَلِيل فَلم يزل حَتَّى أَخذ القلعة وَأخذ جَمِيع مَا كَانَ فِيهَا من ذخائر شرف الدّين وأمواله وَأخرج النسوان مِنْهَا ووكل عَلَيْهِنَّ وعَلى الحسام البقش وتركهم فِي مَوضِع
وَاتفقَ أَن شرف الدّين عِنْد رحيله عَن أم لَامة توجه إِلَى بلد القيروان وَنزل على مَوضِع يُقَال لَهُ السِّكَّة فِي أَوَاخِر سنة سبع وَنصب عَلَيْهَا منجنيقا وقاتله وَكَانَ مَعَه من الْعَرَب سليم الشريد فِي قريب من ألف فَارس وَقد وَصله حميد بن جَارِيَة فِي هَذِه السّنة فِي مِائَتي فَارس وَترك قبيلته لما استضعفوه واستهانوه فَلم يشعروا فِي أول النَّهَار إِلَّا وَالْحَرب قد قَامَت بَين حميد والشريد وَكَانَ الشريد أَكثر من حميد فَوَقَعت حمية قراقوش لحميد فنفذ عسكرا عونا لحميد فَلَمَّا شَعرت مَشَايِخ الشريد بذلك ارتحلت عَنهُ وَتركته وَحميد فَمَا بعدوا إِلَّا وعسكر الْمُوَحِّدين فيهم أحد أَوْلَاد عبد الْمُؤمن يُقَال لَهُ أَبُو مُوسَى فِي نَحْو من عشرَة ألف فَارس وَعشرَة ألف راجل وَمَا عِنْد شرف الدّين قراقوش خبر مِنْهُم حَتَّى أطل الْعَسْكَر من نَاحيَة الْجَبَل وَنزل الوطاء فندم على مُفَارقَة الشريد وَنفذ يستصرخهم فعادوا غليه خيالة من غير أهل وَتركُوا أهلهم ومضوا لحالهم ووصلوا إِلَيْهِ وَقَالُوا يَا شرف الدّين يَا سُلْطَان نَحن لَك على مَا تحب إِن طردتنا نزحنا وَإِن استدنيتنا حَضَرنَا وشال الْعَسْكَر أثقاله وَبَقِي المنجنيق ولز وُصُول الْعَسْكَر وَالنَّاس يَقُولُونَ
يَا خوند أطلنا الْعَسْكَر وَهُوَ يَقُول وَالله مَا أروح إِلَّا بالمنجنيق وَلم يزل حَتَّى رَفعه على الْجمال وَضرب لمقدم عَسْكَر الْمُوَحِّدين خيمة وَاحِدَة ووقف الْعَسْكَر بأسره فَسئلَ بعد ذَلِك عَن الْخَيْمَة مَا كَانَ سَبَب ضربهَا فَقَالُوا نزل السَّيِّد يلبس فِيهَا لَامة حربه