إِلَى إفريقية وَنزل على اربس وَهِي مَدِينَة عَظِيمَة وَقد اجْتمع مَعَه جمَاعَة من الْعَرَب من مرداس وَمن الرجالة وَأقَام عَلَيْهَا أَيَّامًا وَعمل عَلَيْهَا منجنيقا فَلم يقدر عَلَيْهَا ورحل عَنْهَا إِلَى سوبيريه وَلم ينزل عَلَيْهَا بل أغار على بلادها وترددت إغاراته على اربس وبلادها وَمَا حولهَا أشهرا وَجعل يرحل من مَوضِع إِلَى مَوضِع لِأَنَّهَا كَانَت أَيَّام الرّبيع إِلَى أَن انْقَضى الرّبيع وَجَاء الصَّيف فَرَحل وأوغل فِي بِلَاد إفريقية وانتهب مِنْهَا مَا قدر عَلَيْهِ وغنم أَصْحَابه الْغَنِيمَة الْعَظِيمَة وَعَاد إِلَى قفصة بمكاتبة كَانَت من بعض شيوخها إِلَيْهِ وواعده لَيْلَة بِعَينهَا لِأَن الْمُوَحِّدين كَانُوا قد أخذوها من بني الربذ فِي سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَأَهْلهَا كثير وفيهَا من أَصْحَاب ابْن عبد الْمُؤمن جمَاعَة فوصل إِلَيْهَا فِي اللَّيْلَة الَّتِي واعده الشَّيْخ على شرفتها فَمَا تهَيَّأ لَهُ ذَلِك بل عمل السلاليم الَّتِي أعدهَا للشرفة وطلع أَصْحَابه فشعر بهم الموحدون وَجَاءُوا إِلَيْهِم فأنزلوهم أَشد إِنْزَال وَكَانَ الشَّيْخ على السُّور فَأَخذه مَعَه وَقبض عَلَيْهِ وَقَيده وَترك فِي رقبته غلا ورحل عَن قفصة فَلَمَّا أبعد عَنْهَا أطلقهُ وَقَالَ لَهُ
عملت بك مَا عملت خشيَة عَلَيْك حَتَّى لَا يُقَال عَنْك إِنَّك عاملت على الْمَدِينَة فَتقْتل وَأَنا بعد إِن شَاءَ الله أرجوك فِي وَقت غير هَذَا وعاهده وَمضى
وطالت مُدَّة إِقَامَة شرف الدّين يتَرَدَّد بأفريقية وَانْقطع خَبره الصَّحِيح عَن نَاصِر الدّين إِبْرَاهِيم ووصلته أَخْبَار سارة بِأَن قراقوش هلك فسارع فِي النُّزُول على قلعة أم الْعِزّ وحاصرها وَكَانَت خَالِيَة من الرِّجَال وَإِنَّمَا كَانَ فِيهَا النسوان وَمَعَهُمْ الحسام البقش أحد أَصْحَاب شرف الدّين وثقاته وَمَعَهُ