وَنفذ شرف الدّين الشهَاب ابْن الْمُقدم وَجعله مقدما على الشاليشية وَأَرَادَ أَن يبصر كَيفَ حَرْب الْمُوَحِّدين وطمعوا فيهم فرموا مِنْهُم جمَاعَة وَأتوا بخيولهم إِلَى شرف الدّين فَزَاد الطمع وَنفذ الْعَرَب الشريد وذباب وَأَصْحَاب حميد فَصَارَ الْجَمِيع قَرِيبا من ألف وَخمْس مائَة فَارس وَوَقع الطراد بَينهم وطمعوا فِي الْمُوَحِّدين ونفذوا إِلَى شرف الدّين أَن يقدم إِلَيْهِم
وَكَانَ شرف الدّين قد نفذ الثّقل وأوصله إِلَى رجائل الْعَرَب وَعَاد وَمَعَهُ ثَلَاثمِائَة فَارس فأطل على الْقِتَال وَحمل حَملَة وَاحِدَة بِمن مَعَه وَمن كَانَ تقدمه فانكسر الموحدون وارحت عَلَيْهِم الكرة ولازال الطراد فيهم وَالْأَخْذ إِلَى مَدِينَة القيروان فَدَخلَهَا السَّيِّد أَبُو مُوسَى مقدم الْعَسْكَر وَعَاد شرف الدّين ظافرا وغنم عسكره وأسروا جمَاعَة من المقدمين فَكَانَ مِمَّن أسر ابْن مثنى صَاحب ديوَان أفريقية وَالْقَاضِي قية وَالْقَاضِي ابْن ماسكة قَاضِي إفريقية وَجَمَاعَة كَبِيرَة مِنْهُم من فدى نَفسه بِخَمْسَة ألف دِينَار وَسِتَّة ألف دِينَار إِلَى الف وَأما ابْن الْمثنى فَإِنَّهُ كَانَ قد أَخذه بعض الْعَرَب يُسمى نعيم فنفذ إِلَيْهِ شرف الدّين أَخذه وَأَعْطَاهُ ألفي دِينَار وَتَركه فِي خيمة فترددت الرسائل بَينهمَا فِي الْفِدَاء فَقطع على نَفسه خَمْسَة وَسِتِّينَ ألف دِينَار عينا وبأربعين ألف مَتَاعا من عمل سوسة والمهدية وَمَا بَات شرف الدّين فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَت الكسرة فِي يَوْمهَا حَتَّى اخذ السِّكَّة الَّتِي كَانَ يحاصرها لاستسلام أَهلهَا وَقطع عَلَيْهِ عشْرين ألف دِينَار فَرَحل عَنْهَا وَقطع القيروان وَنزل بَينهَا وَبَين المهدية على بلد يُسمى لودر فَلم يزل عَلَيْهَا إِلَى أَن استوفى مَا كَانَ قطعه على ابْن مثنى وَأطْلقهُ من هُنَاكَ
وَمن أعجب الْأَشْيَاء أَن بعض الأتراك أَخذ قماشا فِي الكسرة فَكَانَ لكاتب السَّيِّد أبي مُوسَى فَوجدَ فِيهَا أوراقا وكتبا من الْأَطْرَاف وَوجد فِيهِ كتابا وَقد وصل من قابس إِلَى السَّيِّد يذكر فِيهِ أَن إِبْرَاهِيم نزل على أم الْعِزّ وَأَخذهَا وَأنزل نسَاء قراقوش مِنْهَا لما بعد عَهده بِخَبَرِهِ فَدخل على شرف