(وَلَا سعى لَك صرف الدَّهْر فِي حرم ... وَلَا رآى وَجه من يرجوك حرمَان)
وفها كتب جلال الدّين صَدَقَة بن صَدَقَة نَائِب الوزارة مطالعة إِلَى الْخَلِيفَة يكثر القَوْل فِيهَا فِي حق أستاذ الدَّار بن الصاحب وَأَن الدِّيوَان يحكم فِيهِ بِرَأْيهِ وَالْأَمْوَال تجبى إِلَيْهِ وَمَا يقدر أحد يتسوفى لبيت المَال مِنْهُ شَيْئا فَوقف الْخَلِيفَة على المطالعة وَكتب عَلَيْهَا إِلَى ابْن صَدَقَة يصدقهُ فِيمَا ذكره فتيقن ابْن صَدَقَة وَظن فِي نَفسه أَن الْخَلِيفَة قد تغير على أستاذ الدَّار وَأَنه يقبل القَوْل فِيهِ وَكَانَ ابْن صَدَقَة ضَعِيف الرَّأْي قَلِيل التَّصَوُّر اعْتقد أَن الْخَلِيفَة هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ لهَذِهِ الْولَايَة وَأَن أستاذ الدَّار لم يكن لَهُ فِي ترتيبه شَيْء فَصَارَ إِذا تقدم أستاذ الدَّار بِأَمْر يتَعَرَّض هُوَ لإبطاله وَيَقُول لَا أفعل هَذَا الْأَمر إِلَّا بتقدم الْخَلِيفَة وأستاذ الدَّار لَا يعلم كَيفَ هَذَا الْأَمر فَلَمَّا حضر عِنْد الْخَلِيفَة قَالَ إِنَّه قد جنح أمرنَا فِي الدِّيوَان وَصَارَ هَذَا النَّائِب إِذا تقدم إِلَيْهِ بِأَمْر يَقُول لَا أَفعلهُ فَقَالَ لَهُ الْخَلِيفَة كَأَنَّك مَا علمت أَنه كتب إِلَيّ مطالعة يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا فِي حَقك وَهَذَا مَا يجِئ مِنْهُ خير إِن شِئْت أَن تصرفه فاصرفه ورتب غَيره من شِئْت فَذَاك إِلَيْك وَكَانَ هَذَا جَمِيعه من غير طِينَة نفس الْخَلِيفَة لِأَنَّهُ قد تغير على أستاذ الدَّار وَلَا يظْهر لَهُ ذَلِك من شدَّة خَوفه مِنْهُ فَخرج أستاذ الدَّار من عِنْد الْخَلِيفَة وَنفذ الْحَاجِب مملان إِلَى الدِّيوَان بِأَمْر فَقَالَ نَائِب الوزارة ابْن صَدَقَة مَا هَذَا ديوَان الْأَبْنِيَة هَذَا ديوَان الْخَلِيفَة مَا يقدر أحد يتَقَدَّم فِيهِ بِأَمْر إِلَّا بِأَمْر الْخَلِيفَة فَرجع الْحَاجِب مملان وَحكى مَا جرى من ابْن صَدَقَة لأستاذ الدَّار فَعظم ذَلِك عَلَيْهِ وشاع ذَلِك فِي بَغْدَاد وَقَالَ النَّاس هَذَا دَلِيل على تغير الْخَلِيفَة على أستاذ الدَّار وَكثر القَوْل فِي ذَلِك وَكَثُرت معاداة ابْن صَدَقَة لأستاذ الدَّار ومباينته لَهُ فَكتب أستاذ الدَّار