وفيهَا صعد رجل شَاب على سطح ابْن البُخَارِيّ اسْمه مُحَمَّد الْفراش وَقد انحل حَبل البرادة وَكَانَت طَوِيلَة ملساء فَجعل يُكَلف نَفسه الصعُود لتِلْك الْخَشَبَة وصعدها وَعمل الْحَبل فِي البكرة وَنزل وَكَانَ فِي تِلْكَ السَّاعَة أستاذ الدَّار ابْن الصاحب على سطح دَاره فشاهد هَذِه الْحَال من الْفراش وَبعد أَيَّام نزل إِلَى الدِّيوَان من فتح خزانَة المَال الَّتِي للخليفة وَأخذ خرقَة فِيهَا سبع مائَة دِينَار فَتقدم بِأخذ الخازن والفراشين الَّذين للديوان وعرضهم على الضَّرْب وَكَانَ الخازن رجلا شَيخا كَبِيرا مَا عرف لَهُ وَلَا سمع عَنهُ إِلَّا الْخَيْر وَكَانَ قَرِيبا لأستاذ الدَّار ابْن الصاحب وطولب الخازن بِالذَّهَب وصعب ذَلِك على أستاذ الدَّار كَيفَ تجْرِي مثل هَذِه الْوَاقِعَة فِي ديوَان الْخَلِيفَة فِي أَيَّام ولَايَته فأحضر غلْمَان الدِّيوَان وسألهم عَن هَذِه الْحَال فَقَالُوا لَهُ الَّذِي قد فعل هَذَا قد أَخذ حبلا وشده فِي كَنِيسَة الدِّيوَان وَنزل وَفتح المخزن وَأخذ الذَّهَب وَرجع فَصَعدَ بالحبل فَقَالَ أستاذ الدَّار إِنَّنِي كنت من أَيَّام على سطح دَاري رَأَيْت على سطح ابْن البُخَارِيّ صَبيا فراشا قد صعد فِي حَبل وَتعلق بِهِ وَترك الْحَبل فِي البكرة الَّتِي فِي خَشَبَة البرادة أريده السَّاعَة فنفذ إِلَى ابْن البُخَارِيّ فَسَأَلَ عَن ذَلِك الصَّبِي فَقيل إِنَّه هُوَ مُحَمَّد الْفراش فنفذه إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أستاذ الدَّار أَيْن الذَّهَب الَّذِي أَخَذته من الدِّيوَان فَأنْكر فَتقدم بضربه فَضرب ودام عَلَيْهِ الضَّرْب فاعترف بسرقته فنفذ مَعَ جمَاعَة من الغلمان فأحضر الذَّهَب وَقد نقص مِنْهُ عشرُون دِينَارا واستؤذن الْخَلِيفَة فِي قطعه فَتقدم أَن يحمل إِلَى حبس اللُّصُوص وَلَا تقطع يَده فَهَذَا مَال من بَيت مَال الْمُسلمين وَله فِيهِ حق بل يحبس فنفذ إِلَى الْحَبْس فَأَقَامَ فِيهِ عشرَة أشهر ثمَّ نقب الْحَبْس وَكسر الْقَيْد الَّذِي فِي رجله وَحسن لجَماعَة من الْعَرَب والمحتسبين أَن يهربوا مَعَه وَعلم بذلك