من مُعَاملَة نهر ملك وَتقدم إِلَيْهِ بِأَن يعجل فِي عَملهَا فَجمع إِلَيْهَا جمَاعَة من الصناع وَحشر إِلَيْهَا أَرْبَاب الصَّنَائِع ففرغت فِي مُدَّة يسيرَة وَكَانَ يخرج وَمَعَهُ جمَاعَة لرمي البندق ويلبس ثِيَاب الرُّمَاة يَرْمِي مَعَ جمَاعَة مِنْهُم لَيْلًا وبكرة وَعَشِيَّة وَكَانَ يجد الْمَشَقَّة فِي ذَلِك ويلبس قميصين من قطن أَزْرَق وَيفْعل ذَلِك بِيَدِهِ أَيَّام الرَّمْي
وفيهَا أحضر جمَاعَة من قباض الْحمام مثل ابْن الدوامي وَابْن جَابر صَاحب المخزن وَابْن رزين وَغَيرهم من المعروفين بلعب الْحمام وَأمرهمْ أَن يقبضوا مِنْهُ فَفَعَلُوا ذَلِك وَتقدم إِلَى أَصْحَابه أَن يعمروا مبارح ودورا للحمام وَكثر ذَلِك وَصَارَ كل من يُرِيد الْقرب من الْخَلِيفَة يتَقرَّب إِلَيْهِ بِأَن يقبض مِنْهُ الْحمام ولأصحاب الْحمام فِي ذَلِك قَول مَحْفُوظ إِذا حلف أحدهم يَقُول أَصْحَاب الْحمام لزمَه ذَلِك فَلَا يكذب أبدا لقَوْله فِي الفتوة وَرمي البندق
ثَلَاث خِصَال لَا يقدر أحد أَن يكذب بهَا
وفيهَا تقدم عِنْده شمس الدّين عَليّ بن أبي الْكَتَائِب الْمَعْرُوف بالخواجا وَكَانَ يخْدم الْأُمَرَاء وَكبر أمره عِنْد الْخَلِيفَة والأمراء وقربه وَأَدْنَاهُ وَجعل حَدِيث الْأُمَرَاء مَعَه وَكَانَ رجلا كيسا بغداديا دمثا يتمسخر للخليفة ويتطاول حِين يبسطه وَكَانَ الْمَذْكُور حسن المحاضرة كريم الطَّبْع وَحسن حَاله وزادت مَنْزِلَته وتضاعفت حرمته وَكَانَ مسموع القَوْل عِنْد الْخَلِيفَة عَظِيم الْقدر عِنْد أَرْبَاب دولته وَكَانَ إِذا سَأَلَ الْخَلِيفَة بِأَيّ أَمر أَجَابَهُ حَتَّى إِنَّه كَانَ يسْأَله فِي إِطْلَاق من وَجب عَلَيْهِ قتل أَو صَاحب جِنَايَة ويشفع فِيهِ فيشفعه