واستوليت عَلَيْهَا يبْقى لَك من ورائك ذخيرة ونجدة وَأَنت بعد ذَلِك على أثْنَاء عزمك وَإِن قصدت حلب فَإِنَّهَا تشغلك عَن الْأُمُور ومهماتها والجزيرة وولاياتها وَقد حصلت لَك الْمحبَّة الْعَامَّة والمهابة فِي قُلُوب النَّاس وَمَتى عبرت الْفُرَات سلمت إِلَيْك الْبِلَاد واطاعتك الْعباد فملكت حران والرها والرقة والخابور ونصيبين وَسَائِر الْمَوَاضِع وملكت الْموصل لَا محَالة وَمَا هُنَاكَ فِي تِلْكَ الْجِهَات أحد يقدر على عصيانك فشكره على مَا ظهر مِنْهُ واستوثق مِنْهُ وودعه وَرجع إِلَى حران
وَأما السُّلْطَان فَإِنَّهُ توجه نَحْو ألبيرة وَمد الجسر وَأمر النَّاس بالعبور وَكَانَت ألبيرة قد طمع فِيهَا صَاحب ماردين فاستولى على مَوَاضِع من أَعمالهَا فَلَمَّا سمع بوصولنا إِلَى الْفُرَات انهزم من كَانَ من أَصْحَابه بِتِلْكَ الخطة فأعدنا إلهيا شهَاب الدّين مُحَمَّد بن إلْيَاس الأرتقي وشرعنا فِي أَمر العبور وبدأنا ننقل الأثقال إِلَى بطُون السفن خوفًا من ازدحام النَّاس على الجسر وَضرب كل منا خيمة بالجانب الشَّرْقِي وتحول السُّلْطَان عَنهُ وتخفف نَحْوهَا ثقله وأمددنا من معاقل الأرمن بسفن كَثِيرَة فَعبر النَّاس كَافَّة فَلَمَّا قَطعنَا الْفُرَات كاتبنا أَصْحَاب الْأَطْرَاف ليدخلوا فِي الطَّاعَة فَمن سلم سلمت عَلَيْهِ بِلَاده وَمن أبي توجهنا إِلَيْهِ فَأول من وصل إِلَيْنَا رَسُول نور الدّين مُحَمَّد بن قَرَأَ أرسلان بن نعْمَان بن أرتق