ولَقد ذكرْتُكِ والسّياطُ تنوشُني ... عندَ الإمامِ وساعدي مَغلُولُ.
وَلَقَد ذكرْتُكِ والذي أنا عبدُه ... والسيفُ بينَ ذُؤابتي مَسلُولُ.
فأطرق المهدي وتغرغرت عيناه بالدموع. ثم قال: يا غلام، ائتني بإزار! فأتي به، فقال: الففهما به جميعاً، بعد أن تنزع ثيابهما، وأخرجهما عن قصري، ففعل ذلك.
حدث أبو عمر بن حيويه ونقلته من خطه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خلف قال: حدثني أبو بكر العامري قال: حدثني أبو عبد الله القرشي وحدثنا الدمشقي عن الزبير قال: حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري قال: عشق رجل من ولد سعيد بن العاص جاريةً مغنية بالمدينة، فهام بها، وهو لا يعلمها بذكل، ثم إنه ضجر فقال: والله لأبوحن لها، فأتاها عشيةً، فلما خرجت إليه، قال لها: بأبي أنت أتغنين:
أتُجْزُونَ بالودّ المُضاعَفِ مثلَه، ... فإنّ الكريم مَن جزَى الودَّ بالودِّ.
قالت: نعم، وأغني أحسن منهن ثم غنت:
للّذي وَدّنا الموَدّةُ بالضِّعْ ... فِ، وَفَضْلُ البادي بِهِ لا يُجازَى.
لَوْ بَدا ما بِنَا لَكُم ملأ الأر ... ضَ وأقطارَ شامِهَا والحِجَازَا.
فاتصل ما بينهما، فبلغ الخبر عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فابتاعها له وأهداها إليه، فمكثت عنده سنة ثم ماتت، فبقي مولاها شهراً أو أقل ثم مات كمداً عليها، فقال أبو السائب المخزومي: حمزة سيد الشهداء، وهذا سيد العشاق، فامضوا بنا حتى ننحر على قبره سبعين نحرة، كما كبر النبي، صلى الله عليه وسلم وآله وسلم، على قبر حمزة، رضي الله عنه، سبعين تكبيرة. قال: وبلغ أبا حازم الخبر، فقال: ما من محب في الله يبلغ هذا إلا وليّ.