عِشتَ بَعدِي وَمُتُّ قب ... لَكَ، هَلْ فِيكَ مَطمَعُ
قِسَمُ الحُبّ خَمسَةٌ، ... صَارَ لي مِنهُ أرْبَعُ
فَإلى اللهِ أشتَكي ... كَبِداً لي تَقَطَّعُ
فقال الرشيد كالمازح: كيف ترى هذا يا أعرابي؟ قال: بئس، والله، ما غنّى. فغضب من ذلك هارون وصعب عليه. قال إسحق: وسقط في يدي، فقال هارون: ويلك يا أعرابي! هل يكون شيء أحسن من هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! قولي حين أقول:
لا وَحُبّيكَ لا أُصَا ... فِحُ بِالدّمعِ مَدْمَعَا
مَن بكَى شَجوَهُ استرَا ... حَ وَإنْ كانَ مُوجَعَا
كَبِدِي في هَوَاك أس ... قمُ مِنْ أنْ تُقَطَّعَا
لمْ تَدَعْ سَوْرَةَ الهَوَى ... للبِلى فيّ مَطمَعَا
قال: فاستملح هارون ذلك منه، وأمر إسحق أن يغنيه به شهراً لا يقطعه عنه، وأمر للأعرابي بعشرة آلاف درهم.
حدثنا المعافى، حدثنا الصولي محمد بن يحيى، حدثنا أحمد بن يحيى قال: لما خرج الفضل بن يحيى إلى خراسان ودع أصحابه ثم قال:
لمّا دنَا البَينُ بَينَ الحَيّ وَاقتَسَمُوا ... حَبلَ الهَوَى، وَهوَ في أيديهم قِطَعُ
جادَتْ بأدمُعِها سَلمَى، وَأعجَلَني ... وَشْكُ الفِرَاقِ، فمَا أبكي وَما أدَعُ
يا قَلبِ وَيحكَ! لا سَلمى بذي سَلَمٍ، ... وَلا الزّمَانُ الذي قد مَرّ مُرْتَجَعُ