أنبأنا التنوخي علي بن المحسن، أخبرنا أبو بكر بن شاذان، حدثني نفطويه، حدثني إدريس بن إدريس قال: حضرت بمصر قوماً من الصوفية، وعندهم غلام أمرد يغنيهم، فغلب على رجل منهم أمره، فلم يدر ما يصنع، فقال: يا هذا! قل لا إله إلا الله! فقال: لا إله إلا الله. فقال: أقبل الفم الذي قال لا إله إلا الله.
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا أبو النضر العقيلي، حدثنا حماد بن إسحق عن أبيه إسحق بن إبراهيم الموصلي قال: بينا أنا جالس مع الرشيد على المائدة، إذ دخل الحاجب، فأعلمه أن بالباب أعرابياً عنده نصيحة، فأمر بإحضاره، فلما دخل أمره بالجلوس على المائدة، ففعل، وكان له فصاحة وصباحة، فلما تم الغداء ورفعت المائدة وجيء بالطست، غسل يده، ثم أمر بالشراب، فأحضر، فقال: يا أمير المؤمنين ما حالتي في اللباس؟ فاستملح هارون ذلك من فعله، فأمر بثياب حسنة، فطرحت عليه. وقال له: يا أعرابي من أين جئت؟ قال: من الكوفة. قال: أعربي أم مولى؟ قال: عربي. قال: فما الذي قصد بك إلينا وما نصيحتك؟ قال: قصد بي إليك قلة المال وكثرة العيال؛ وأما نصيحتي، فإني علمت أني لا أصل إليك إلا بها. قال: فأخذ إسحق العود، فغنى صوتاً يشتهيه الرشيد ويطرب عليه، وهو:
لَيسَ لي شَافِعٌ إلَي ... كَ سِوَى الدّمعِ يَنفَعُ