فحلفت لا يعملها أحد سواي، وأوقدت النار ونصبت القدر، وبقيت أمرس ما جعل فيها، والنار تعمل، وقد أقبلت علي تشكو ما مر بها من الآلام في هذه الأيام، فأقبلت دايتي، فقالت: يا سيدي سليمان يدك؛ قد ذهبت، فرفعتها وقد انسمطت على ما تراها.
قال أبو العباس: فصعقت صعقةً، وقلت: يا بأبي هذا في طلب المعشوق أقبل عليك، فنالك هذا كله.
أخبرنا أحمد بن علي التوزي، حدثنا إسماعيل بن سويد، حدثنا أبو علي الكوكبي، أخبرني ابن الأصقع قال: قال لي بعضهم: رأيت ببغداد في وقت الحج فتىً ومعه تفاح مغلف، فانتهى إلى سور فوقف تحته، فاطلع عليه جوار كأنهن المها، فأقبل يرميهن بذاك التفاح، فقلن له: أم تكن معتزماً على الحج؟ فقال:
وَلمّا رَأيتُ الحَجّ قَد آنَ وقتُهُ، ... وَأبصرْتُ تلك العيسَ بالرّكبِ تعسِفُ
رَحَلتُ مَعَ العُشّاقِ في طَلَبِ الهَوَى، ... وَعَرَفتُ مِنْ حَيثُ المُحبّينَ عرّفوا
وَقَد زَعَمُوا أنّ الجِمارَ فَرِيضَةٌ، ... وَتِارِكَ مَفرُوضِ الجِمَارِ يُعَنَّفُ
عَمَدتُ لتُفّاحٍ ثَلاثٍ وَأرْبَعٍ، ... فزُعفِرَ لي بَعضٌ وَبَعضٌ مُغَلَّفُ
وَقُمتُ حِيَالَ القَصرِ، ثمّ رَمَيتُهُ، ... فَظلّتْ لهَا أيدِي المِلاحِ تَلَقّفُ
وَإنّي لأرْجُو أنْ تُقَبَّلَ حِجّتي، ... ومَا ضَمّني للحَجّ سَعيٌ وَمَوْقِفُ