أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت إن لم يكن حدثنا، حدثنا القاضي أبو القاسم هبة الله بن الحسين الرحبي، حدثنا علي بن أحمد المهلبي، أخبرنا أبو العباس بن عطاء قال:
كان يحضر حلقتي شاب حسن الوجه يخبئ يده. قال: فوقع لي أن الرجل قد قطعت يده على حال من الأحوال، قال: فجاءني يوم جمعة، وقد جاءت السماء بالبركات، ولم يجئني في ذلك اليوم أحد، فطالبتني نفسي بمخاطبته، فدفعتها مراراً كثيرة إلى أن غلب علي كلامه، فكلمته فقلت له: يا فتى ما بال يدك تخبئها، لم لا تخرجها، فإن كان بها علة دعوت الله تعالى لك بالعافية، فما سببها؟ فأخرجها، فرأيت فيها شبيهاً بالشلل، فقلت: يا فتى ما أصاب يدك؟ قال: حديثي طويل. قلت: ما سألتك إلا وأحب أن أسمعه.
فقال لي الغلام: أنا فلان بن فلان، خلف لي أبي ثلاثين ألف دينار، فعلقت نفسي بجارية من القيان، فأنفقت عليها جملة، ثم أشاروا علي بشرائها، فاشتريتها بستة آلاف دينار، فلما حصلت عندي وملكتها قالت: لم اشتريتني، وما في الأرض أبغض إلي منك، وإني لأرى نظري إليك عقوبةً، فاسترد مالك، فلا متعة لك بي، مع بغضي لك. قال: فبذلت لها كل ما يبذله الناس، فما ازدادت إلا عتواً، فهممت بردها، فقالت لي داية لي: دعها تموت ولا تموت أنت.
قال: فاعتزلت في بيت، ولم تأكل ولم تشرب، وإنما كانت تبكي وتتضرع حتى ضعف الصوت، وأحسسنا منها بالموت، وما مضى يوم إلا وأنا أجيء إليها وأبذل لها الرغائب، وما ينفع ذلك ولا تزداد إلا بغضاً لي.
فلما كان اليوم الرابع أقبلت عليها وسألتها عما تشتهيه، فاشتهت حريرةً