عَجبتُ له أن زَارَ في النّومِ مَضجَعي، ... وَلَوْ زَارَني مُستَيقِظاً كانَ أعَجَبَا
وَإذ أخبرَتْ ما أخبرَتْ وَتَضاحَكَتْ، ... تَنَفّسَتِ الأخرَى، وَقالت تطرُّبَا:
وَما زَارَني في النّوْمِ إلاّ خَيَالُهُ، ... فقُلتُ لهُ: أهلاً وسَهلاً وَمَرْحَبَا
وَشُوّقَتِ الأخرَى وَقالَتْ مُجيبَةً ... لَهُنّ بقَوْلٍ كانَ أشهَى وَأعذَبَا:
بنَفسِي وَأهلي مَن أرَى كلّ لَيلَةٍ ... ضَجيعي، وَرَيّاهُ مِنَ المِسكِ أطيَبَا
فلَمّا تَبَيّنتُ الذي قُلنَ وَانبَرَى ... ليَ الحُكمُ لم أترُكْ لدى القَوْلِ مَعتَبَا
قَضَيتُ لصُغرَاهُنّ بالظّرْفِ، إنّني ... رَأيتُ الذي قالتْ إلى القَلبِ أطرَبَا
أخبرنا أبو الفتح عبد الواحد بن الحسين بن شيطا وأبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين قالا: حدثنا أبو القاسم بن سويد العدل، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا ابن علي الكاتب، أخبرني بعض أصحابنا من الكتاب قال: دخلت البصرة أنا وصديق لي، فرأيت جارية قد خرجت من بعض الدور كأنها فلقة قمر، فقلت لصاحبي: لو ملت بنا إليها فاستسقيناها ماء؟ ففعل، فقلنا له: جعلنا الله فداءك، اسقينا ماء، فقالت: نعم، وكرامة! فدخلت وأخرجت كوز ماء، وهي تقول:
ألا حَيِّ شَخْصَيْ قاصِدَينِ أرَاهُمَا ... أقَامَا فَما أن يَعرِفَا مُبتَغَاهُمَا
هُمَا استَسقَيَا مَاءً عَلى غَيرِ ظَمأةٍ ... لِيَستَمتِعَا باللّحظِ مِمّنْ سَقَاهُمَا
فقلت لها: جعلني الله فداءك، فهل لك في الخلوة؟ فولت، وهي تقول: شه! أجمل أنا فيركبني اثنان؟