أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن علي في ما أجاز لنا، حدثنا إسماعيل بن سعيد بن سويد، حدثنا الحسين بن القاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا الزبير بن بكار، حدثني عم لي قال: ذكر لي رجل من أهل المدينة أن رجلاً خرج حاجاً، فبينا هو قد نزل تحت سرحة في بعض الطريق، بين مكة والمدينة، إذا هو بكتاب معلق في السرحة مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. أيها الحاج القاصد بيت الله إن ثلاث أخوات فتيات خلون يوماً، فبحن بهواهن، وذكرن أشجانهن، فقالت الكبرى منهن:
عَجِبتُ له أن زَارَ في النّوْمِ مَضْجعي، ... وَلَوْ زَارَني مُستَيقظاً كانَ أعجَبَا
وقالت الوسطى:
ما زَارَني في النّوْمِ إلاّ خَيالُهُ، ... فقُلتُ لَهُ: أهلاً وَسَهلاً وَمَرْحَبَا
وقالت الصغرى:
بنَفسِي وَأهلي مَن أرَى كُلَّ لَيلَةٍ ... ضَجيعي، وَرَيّاهُ من المِسكِ أطيَبَا
وفي أسفل الكتاب: رحم الله من نظر في كتابنا هذا وقضى بيننا بالحق ولم يجر في القضية. قال: فأخذ الكتاب فتى وكتب في أسفله:
أُحَدّثُ عَنْ حُورٍ تَحَدّثنَ مَرّةً، ... حديثَ امرِئٍ سَاسَ الأمورَ وَجرّبَا
ثَلاثٍ كَبَكرَاتِ الهِجَانِ عَطابلٍ، ... نَوَاعِمَ يَقتُلنَ اللّئيمَ المُسَبّبَا
خَلَوْنَ، وَقد غابتْ عُيُونٌ كَثيرَةٌ، ... مِنَ اللاءِ قَد يَهوَينَ أنْ يَتَغَيّبَا
فَبُحنَ بما يُخفِينَ من لاعِجِ الهَوَى، ... مَعاً، وَاتّخَذنَ الشّعرَ مَلهىً ومَلعَبَا