؟
قال أبو الفرج الببغاء: وقد كان القاضي أبو القاسم التنوخي أنشدنا جميع شعره أو أكثره ولا أعلم هذه القطعة فيما أنشدنا أهي له أم لا، وهي:
يا سادَتي! هَذِهِ رُوحي تُوَدّعُكُم، ... إذْ كانَ الصّبرُ يُسليها وَلا الجَزَعُ
قد كُنتُ أطمَعُ في رُوحِ الحَيَاةِ لهَا، ... فالآنَ مُذْ غِبتُمُ لمْ يَبقَ لي طَمَعُ
لا عَذّبَ اللهُ رُوحي بِالحَيَاةِ، فَمَا ... أظُنّهَا بَعدَكُمْ بالعَيشِ تَنتَفِعُ
أخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ، حدثنا أبي، حدثنا عمر بن الحسن حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا علي بن الجعد، سمعت أبا بكر بن عياش يقول: كنت في زمن الشباب، إذا أصابتني مصيبة، تجلدت، ودفعت البكى بالصبر، وكان ذلك يؤذيني ويؤلمني، حتى رأيت أعرابياً بالكناسة واقفاً على نجيب وهو ينشد:
خَليليّ عُوجا من صُدورِ الرّوَاجِلِ، ... بجُمهُورِ حَزْوَى، وَابكِيا في المَنازِلِ
لَعَلّ انحِدارَ الدّمعِ يُعقِبُ رَاحَةً، ... مِنَ الوَجدِ أوْ يَشفي نجيَّ البَلابِلِ
فأصابتني بعد ذلك مصائب فكنت أبكي، فأجد لذلك راحةً، فقلت: فاتل الله الأعرابي ما كان أبصره!