فإذا وجه حلو، وعود صليب، وجسم ناحل، فقال له: ما يؤلمك؟ فقال:
بنَا من جَوَى الأحزَانِ وَالحبّ لَوْعَةٌ ... تَكادُ لهَا نَفسُ الشّفيقِ صَلِيبُ
وَلَكِنّما أبْقَى حُشَاشَةَ مَا تَرَى ... عَلى ما تَرَى عُودٌ هُناكَ صَلِيبُ
فقال ابن عباس: أرأيتم وجهاً أعتق أو عوداً أصلب أو منطقاً أفصح من هذا؟ قتيل الحب، لا عقل ولا قود! فما سمعنا ابن عباس دعا بشيء إلى أن أمسى إلا بالعافية مما أصاب الفتى.
وأنبأنا ابن وشاح، أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا، حدثنا أبو طالب الكاتب علي بن محمد بن الجهم، حدثنا عمر يعني ابن شبة، حدثني أبو يحيى قال: أنشدت عبد الملك بن عبد العزيز:
وَلمّا رَأيتُ البَينَ مِنهَا فُجَاءَةً؛ ... وَأهَوَنُ للمَكرُوهِ أنْ يُتَوَقّعَا
وَلمْ يَبقَ إلَيْهَا نَظْرَةً، فرَأيتُهَا ... وقد أبرَزَتْ من جانبِ السجفِ إصبعا
قال أبو يحيى: فقلت له: قالها رجل من بني قشير. فقال: احسن والله، فقلت: أنا قلتها في طريقي إليك. قال: قد والله عرفت فيها الضعف حين أنشدتني.