قال: هذا أعرابي قح. فقال عمر بن بزيع: قول كثير يا أمير المؤمنين:
أرِيدُ لأنسَى ذِكْرَهَا، فكأنّما ... تَمَثَّلُ لي بلَيلى بكلّ سَبيلِ
فقال: ما هذا بشيء، وما له يريد أن ينسى ذكرها، حتى تمثل له؟ فقلت: عندي حاجتك يا أمير المؤمنين! قال: الحق بي. قلت: لا لحاق لي، ليس ذلك في دابتي، قال: احملوه على دابة. قلت: هذا أول الفتح، فحملت على دابة، فلحقته، فقال: ما عندك؟ قلت: قول الأحوص:
إذا قُلتُ إني مُشتَفٍ بِلِقائِها، ... فحَمّ التّلاقي بَيننَا زَادَني سُقمَا
فقال: أحسنت! حاجتك؟ قلت: علي دين. فقال: اقضوا دينه، فقضي دينه.
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري بقراءتي عليه، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثني أبي، محمد أبو أحمد الختلي، حدثنا أبو حفص يعني النسائي، حدثنا محمد بن حيان بن صدقة عن محمد بن أبي السري عن هشام بن محمد بن السائب قال: كانت عند يزيد بن عبد الملك بن مروان أم البنين بنت فلان، وكان لها من قلبه موضع، فقدم عليه من ناحية مصر بجوهر له قدر وقيمة، فدعا خصياً له، فقال: اذهب بهذا إلى أم البنين وقل لها: أتيت به الساعة، فلبعثت به إليك. فأتاها الخادم، فوجد عندها وضاح اليمن، وكان من أجمل العرب، وأحسنه وجهاً، فعشقته أم البنين، فأدخلته عليها، فكان يكون عندها، فإذا أحست بدخول يزيد بن عبد الملك عليها أدخلته في صندوق من صناديقها، فلما رأت الغلام قد أقبل أدخلته الصندوق، فرآه الغلام، ورأى الصندوق الذي دخل فيه، فوضع الجوهر بين يديها، وأبلغها رسالة يزيد، ثم قال: يا سيدتي هبي لي