منه لؤلؤةً! قالت: لا ولا كرامة، فغضب وجاء إلى مولاه، فقال: يا أمير المؤمنين إني دخلت عليها وعندها رجل، فلما رأتني أدخلته صندوقاً، وهو في الصندوق الذي من صفته كذا وكذا، وهو الثالث أو الرابع، فقال له يزيد: كذبت، يا عدو الله! جئوا عنقه، فوجئ في عنقه، ونحّوه عنه.
قال: فأمهل قليلاً، ثم قام، فلبس نعله، ودخل على أم البنين، وهي تمتشط في خزانتها، فجاء حتى جلس على الصندوق الذي وصف له الخادم فقال لها: يا أم البنين! ما أحب إليك هذا البيت؟ قالت: يا أمير المؤمنين ادخله لحاجتي وفيه خزانتي فما أردت من شيء أخذته من قرب. قال: فما في هذه الصناديق التي أراها؟ قالت: حليي، وأثاثي. قال: فهبي لي منها صندوقاً. قالت: كلها لك يا أمير المؤمنين لك. قال: لا أريد إلا واحداً، ولك علي أن أعطيك زنته وزنة ما فيه ذهباً. قالت: فخذ ما شئت. قال: هذا الذي تحتي. قالت: يا أمير المؤمنين عد عن هذا، وخذ غيره، فإن لي فيه شيئاً يقع بمحبتي. قال: ما أريد غيره. قالت: هو لك.
قال: فأخذه ودعا الفراشين فحملوا الصندوق، فمضى به إلى مجلسه، فجلس، ولم يفتحه، ولم ينظر ما فيه، فلما جنه الليل دعا غلاماً له أعجمياً فقال له: استأجر أجراء غرباء ليسو من أهل المصر.
قال: فجاءه بهم وأمرهم، فحفروا له حفيرة في مجلسه، حتى بلغوا الماء، ثم قال: قدموا لي الصندوق. فألقي في الحفيرة. فألقي في الحفيرة، ثم وضع فمه على شفيره، فقال: يا هذا! قد بلغنا عنك خبر، فإن يك حقاً، فقد قطعنا أثره، وإن يك باطلاً، فإنما دفنا خشباً.
ثم أهالوا عليه التراب حتى استوى، قال: فلم ير وضاح اليمن حتى الساعة. قال: فلا، والله، ما بان لها في وجهه ولا في خلائقه شيء حتى فرق الموت بينهما.