قال: وحدثنا المعافى، حدثنا يزيد بن الحسن البزاز، حدثني خالد الكاتب قال: دخلت على أبي عباد أبي الرغل بن أبي عباد، وعنده أحمد بن يحيى وابن الأعرابي، فرفع مجلسي، فقال له ابن الأعرابي: من هذا الفتى الذي أراك ترفع من قدره؟ فقال: أو ما تعرفه؟ قال: اللهم لا! قال: هذا خالد الكاتب الذي يقول الشعر؟ قال: فأنشدني من قولك شيئاً، فأنشده:
لَوْ كَانَ مِنْ بَشَرٍ لمْ يَفتَنِ البَشَرَا، ولَمْ يَفقْ في الضّيَاءِ الشمسَ والقَمَرَا
نُورٌ تَجَسّمَ، مُنحَلّ وَمُنعَقِدٌ، ... لَوْ أدرَكَتهُ عُيُونُ النّاسِ لانكَدَرَا
فصاح ابن الأعرابي وقال: كفرت يا خالد! هذه صفة الخالق، ليست صفة المخلوق، فأنشدني ما قلت غير هذا، فأنشدته:
أَرَاكَ لمّا لجَجتَ في غَضَبِكَ، ... تَترُكُ رَدّ السّلامِ في كُتُبِك
حتى أتيت على قولي:
أقُولُ للسُّقمِ عُدْ إلى بَدَني، ... حبّاً لِشَيءٍ يكونُ مِنْ سَبَبِك
فصاح ابن الأعرابي وقال: إنك لفطن، وفوق ما وصفت به.
قال: وحدثنا المعافى، حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي قال: فال خالد الكاتب:
وقف علي رجل بعد العشاء متلفع برداء عدنيٍ أسود، ومعه غلام معه صرةٌ، فقال لي: أنت خالد؟ قلت: نعم! قال: أنت الذي تقول:
قَد بكَى العاذِلُ لي من رَحمَتي، ... فبُكائي لِبُكَاءِ العَاذِلِ