فقُلْتُ لهَا، ودَمعُ العَينِ هَامٍ، ... لَهُ مِنْ فَوْقِ خَدّيَّ انسِجَامُ:
أقِلّي اللّوْمَ عَنْ ظَمآنَ صَادٍ، ... يَحُومُ، وَقَد أضَرّ بِهِ الأُوَامُ
أصَمَّ عَنِ العَوَاذِلِ، لَيسَ يَجدِي ... عَليهِ في الهَوَى قَطُّ المَلامُ
أخبرنا محمد بن الحسين، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا محمد بن الحسن بن دريد، أخبرنا الرياشي عن محمد بن سلام عن أبيه، حدثني شيخ من بني ضبة قال: رأيت أعرابياً كبير السن كثير المزاح، بيده محجن، وهو يجر رجليه حتى وقف على مسعر بن كدام، وهو يصلي، فأطال الصلاة، والأعرابي واقف، فلما أعيا قعد. حتى إذا فرغ مسعر من صلاته سلم الأعرابي عليه، وقال له: خذ من الصلاة كفيلاً! فتبسم مسعر، وقال: عليك بما يجدي عليك نفعه، يا شيخ، كم تعد؟ فقال: مائةَ وبضع عشرة سنة. قال: في بعضها ما كفى واعظاً، فاعمل لنفسك، فقال:
أُحِبُّ اللّوَاتِي هُنّ مِنْ وَرَقِ الصِّبى، ... وَمِنهُنّ عَنْ أزْوَاجِهِنّ طِمَاحُ
مُسِرّاتُ بُغضٍ، مُظهِرَاتٌ عَدَاوَةً، ... تَرَاهُنّ كَالمَرْضَى، وَهُنّ صِحاحُ
فقال مسعر: أف لك! فقال: والله ما بأخيك حركة منذ أربعين سنة، ولكنه بحر يجيش ويرمي زبده، فضحك مسعر، وقال: إن الشعر كلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح.