قال أبو الفرج المعافى: وحدثني محمد بن الحسن بن مقسم أنشدني أحمد بن يحيى لأحمد بن مية، وهو أحد الظرفاء:
يَسُبّ غُرَابَ البَينِ ظُلماً مَعاشِرٌ، ... وَهُمْ آثَرُوا بُعدَ الحَبيبِ على القرْبِ
وَمَا لِغُرَابِ البَينِ ذنَبٌ، فَأبتَدي ... بِسَبّ غُرَابِ البَينِ، لَكِنّهُ ذَنبي
فيا شوْقُ لا تنفَد، ويَا دمعُ فِضْ وَزِدْ ... ويَا حُبُّ رَاوِحْ بَينَ جَنبٍ إلى جَنبِ
ويَا عاذِلي لمْني! ويَا عائِدي الحَني، ... عَصَيتُكُمَا، حَتى أُغَيّبَ في التُّربِ
إذا كَانَ رَبّي عَالِماً بِسَرِيرَتي ... فمَا النّاسُ في عَيني بأعظمَ من رَبي
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي المحتسب، حدثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران، أخبرني محمد بن يحيى الصولي، حدثني محمد بن يحيى بن أبي عباد، حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال: دعا المعتصم بالله المأمون، فأجلسه في مجلس في سقفه جامات، فوقع ضوء بعض الجامات على وجه سيماء التركي، غلام المعتصم، وكان أوجد الناس به ولم يكن في عصره مثله، فصاح المأمون: يا أحمد بن محمد اليزيدي، وكان حاضراً، انظر إلى ضوء الشمس على وجه سيماء، أرأيت أحسن من هذا قط؟ وقد قلت:
قد طَلَعَتْ شمسٌ على شَمسِ، ... وَزَالَتِ الوَحْشَةُ بالأنْسِ