وحدثنا المعافى قال: قال محمد بن مزيد الخزاعي، حدثنا الزبير قال: قال الخليل بن سعيد: مررت بسوق الطير، فإذا الناس قد اجتمعوا يركب بعضهم بعضاً، فاطلعت فإذا أبو السائب قابضاً على غراب يباع، قد أخذ طرف ردائه. وهو يقول للغراب: يقول لك ابن ذريح:
ألا يا غُرَابَ البَينِ! قَد طرْتَ بالّذي ... أُحَاذِرُ من لُبنى، فَهلْ أنتَ وَاقعُ؟
ثم لا تقع، ويضربه بردائه والغراب يصيح.
وحدثنا المعافى، حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، حدثنا ميمون بن المزرع قال: كنت آتي أبا إسحق الزيادي. فأتيته مرة، فمرت به أمة سوداء شوهاء، فقال لها: يا عنيزة أسمعيني: مر بالبين غراب فنعب، فقالت: لا والله أو تهب لي قطيعةً، فأخرج صريرةً من جيبه فناولها قطيعةً أريت أن فيها ثلاث حبات، فوضعت الجرة عن ظهرها وقعدت عليها، ثم رفعت عقيرتها:
مَرّ بالبَينِ غُرَابٌ فَنَعَبْ، ... لَيتَ ذا النّاعِبَ بالبَينِ كَذَبْ
فَلضحَاكَ اللهُ مِنْ طَيرٍ لَقَدْ ... كنتَ لوْ شِئتَ غنيّاً أن تُسَبّ
قال أبو بكر: فأحسنت.