أخبرنا محمد بن الحسين الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن إسحق بن إبراهيم العجلي البزاز المعروف بالمراجلي بسر من رأى، حدثنا محمد بن يونس الكديمي، حدثنا يحيى بن عمر الليثي، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثنا المجالد عن الشعبي قال: مر بي مصعب بن الزبير، وأنا في المسجد. فقال: يا شعبي؛ قم! فقمت، فوضع يده في يدي وانطلق حتى دخل القصر، فقصرت، فقال: ادخل يا شعبي! فدخل حجرةً، فقصرت، فقال: ادخل يا شعبي! فدخل بيتاً، فقصرت، فقال: ادخل، فدخلت، فإذا امرأة في حجلة، فقال: أتدري من هذه؟ فقلت: نعم! هذه سيدة نساء المسلمين، هذه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، فقال: هذه ليلى، وتمثل:
وَمَا زِلتُ في لَيلى لدن طَرّ شارِبي ... إلى اليَوْمِ أُخفي حُبّها وَأُدَاجِنُ
وَأحمِلُ في لَيلى لقَوْمٍ ضَغِينَةً، ... وَتُحملُ في لَيلى عليّ الضّغائنُ
ثم قال لي: يا شعبي! إنها اشتهت علي حديثك، فحادثها، فخرج وتركها، قال: فجعلت أنشدها وتنشدني، وأحدثها وتحدثني، حتى أنشدتها قول قيس بن ذريح:
ألا يا غُرَابَ البَيْنِ! قَد طرْتَ بالّذي ... أُحَاذِرُ من لُبنى، فَهلْ أنتَ وَاقعُ؟
أتَبكي عَلى لُبنى، وَأنتَ قَتَلتهَا؟ ... فَقَد هَلَكَتْ لُبنى، فما أنتَ صَانِعُ؟
قال: فلقد رأيتها، وفي يدها غراب تنتف ريشه، وتضربه بقضيب وتقول: يا مشؤوم.