عذيرِي من الإنسانِ! لا إنْ جَفَوتُه ... صَفَا لي، وَلا إنْ كنتُ طَوْعَ يَدَيهِ
فصيرناه مجلسنا، فقالت: بقي فيه شيء، فأصلحه! قلت: ما فيه شيء. قالت: بلى، في موضع كذا، فقلت: أنت أعلم، فصححناه جميعاً، ثم جاء الحجاب، وكسروا الباب، واستخرجت، فأدخلت على المأمون، فأقبلت أرقص من أقصى الصحن، وأصفق بيدي، وأغني الصوت، فسمع وسمعوا ما لم يعرفوه، فاستطرفوه، فقال المأمون: ادن يا علويه! فدنوت، فقال: رد الصوت! فرددته سبع مرات، فقال: أنت الذي تشتاق إلى ظل صاحب يروق ويصفو إن كدرت عليه؟ فقلت: نعم! فقال خذ مني الخلافة، وأعطني هذا الصاحب بدلها.
وسألني عن خبري، فأخبرته، فقال: قاتلها الله، فهي أجل أبزار من أبازير الدنيا.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا عمران بن أبي ليلى، حدثنا حبان بن علي عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس قال: كنت أطوف مع عمر بن الخطاب حول الكعبة، وكفي في كفه، فإذا أعرابي على كتفه امرأة مثل المهاة وهو يقول:
صِرْتُ لِهَذي جَمَلاً ذَلُولا ... مُوَطّأً أتّبِعُ السّهُولا
أعدِلُها بالكَفّ أنْ تَمِيلا ... أحذَرُ أنْ تَسقُطَ أوْ تَزُولا
أرْجُو بذَاكَ نَائِلاً جَزِيلا
فقال له عمر: ما هذه المرأة التي وهبت لها حجتك يا أعرابي؟ فقال: