فبعث في إثرها، وأضاء الصبح، وإذا تحتها بغلة شهباء وردة، فلحقها الرسول، فقالت: مه! فقال: أمرنا بقتلك، قالت: هذا أهون علي، فنزلت فشدت درعها من تحت قدميها وكميها.
أخبرنا أبو علي بن محمد الحسين الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثنا الفضل بن العباس أبو الفضل الربعي، حدثنا إبراهيم بن عيسى الهاشمي قال: قال علويه: أمرني المأمون وأصحابي أن نغدو إليه لنصطبح، فغدوت، فلقيني عبد الله بن إسماعيل صاحب المراكب. فقال: يا أيها الرجل الظالم المتعدي! أما ترحم ولا ترق ولا تستحي من عريب؟ هي هائمة بك.
قال علويه: وكانت عريب أحسن الناس وجهاً، وأظرف الناس وأحسن غناء مني ومن صاحبي مخارق، فقلت له: مر حتى أجيء معك، فحين دخلنا قلت له: استوثق من الأبواب، فإني أعرف الناس بفضول الحجاب، فأمر بالأبواب فأغلقت ودخلت، فإذا عريب جالسة على كرسي، وبين يديها ثلاث قدور زجاج، فلما رأتني قامت إلي، فعانقتني، وقبلتني، وأخلت لسانها في فمي.
قالت: ما تشتهي تأكل؟ قلت: قدراً من هذه القدور، فأفرغت قدراً منها بيني وبينها، فأكلنا. ثم دعت بالنبيذ، فصبت رطلاً، فشربت نصفه، وسقتني نصفه، فما زلنا نشرب حتى سكرنا، ثم قالت: يا أبا الحسن! أخرجت البارحة شعراً لأبي العتاهية فاخترت منه شيئاً. قلت: ما هو؟ قالت:
وَإني لمُشتَاقٌ إلى ظِلّ صَاحِبٍ ... يَرِقُّ ويَصفُو إنْ كَدُرْتُ عَلَيهِ