هذه امرأتي، والله، يا أمير المؤمنين، إنها مع ما ترى من صنيعتي بها، حمقاء مرغامة، أكول قمّامة، مشؤومة الهامة. قال: فما تصنع بها إذا كان هذا قولك فيها؟ قال: إنها ذات جمال، فلا تفرك، وأم صغار، فلا تترك. قال: إذاً فشأنك بها.
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، حدثنا إسماعيل بن سعيد بن سويد، حدثنا الكوكبي قال: حدثنا أحمد بن عبيد النحوي، حدثنا محمد بن زبار عن الشرقي بن قطامي قال: كان عمرو بن قمية البكري من أحب الناس إلى مرثد بن قيس بن ثعلبة، وكان يجمع بينه وبين امرأته على طعامه، وكانت إصبع قدم عمرو الوسطى والتي تليها ملصقتين، فخرج مرثد ذات يوم يضرب بالقداح، فأرسلت امرأته إلى عمرو أن عمك يدعوك، فجاءت به من وراء البيوت، فلما دخل عليها، لم يجد عنه، وأنكر شأنها، فأرادته على نفسه، فقال: لقد جئت بأمر عظيم. فقالت: أما لتفعلن أو لأسوءنك. فقال: للمساءة ما دعوتني. ثم قام فخرج، وأمرت بجفنة، فكفئت على أثر قدمه، فلما رجع مرثد وجدها متغضبة، فقال: ما شأنك؟ قالت: رجل قريب القرابة منك جاءني يسومني نفسي. قال: من هو؟ قالت: أما أنا فلا أسميه، وهذا أثر قدمه، فعرف مرثد أثر عمرو، فأعرض عنه، وعرف عمرو من أين أتي، فقال في ذلك:
لَعمرُكَ! مَا نَفسِي بِجِدّ رَشِيدَة، ... تُؤامِرُني سِرّاً لأصْرِمَ مَرْثَدَا
عَظيمُ رَمَادِ القِدرِ، لا مُتَعَبّسٌ، ... وَلا مُؤيِسٌ مِنها، إذا هُوَ أخمَدَا