فيه ما غرس الله من ضربة إلى جانب أخرى، كل ضربة تخرج الدم وحدها. فلما رآني الأشتر قال: لقد عظمت صنيعتك ووجب شكرك، إذ خاطرت بنفسك، فبلغني الله مكافأتك.
أخبرنا محمد بن الحسين الجازري، حدثنا المعافى بن زكريا، حدثنا أبو بكر بن الأنباري، حدثني أبي، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الربعي، حدثني عباد بن عبد الواحد، حدثني ابن عائشة، حدثني أبي قال:
كانت عبدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية عند هشام بن عبد الملك، وكانت من أجمل النساء، فدخل عليها يوماً، وعليها ثياب سود رقاق من هذه التي يلبسها النصارى يوم عيدهم، فملأته سروراً حين نظر إليها، ثم تأملها فقطّب، فقالت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ أكرهت هذه، ألبس غيرها؟ قال: لا! ولكن رأيت هذه الشامة التي على كشحك من فوق الثياب، وبك يذبح النساء، وكانت بها شامة في ذلك الموضع، أما إنهم سينزلونك عن بغلة شهباء، يعني بني العباس، وردة، ثم يذبحونك ذبحاً. قال: وقوله يذبح بك النساء، يعني إذا كانت دولة لأهلك ذبحوا بك من نساء القوم الذين ذبحوك.
فأخذها عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان معها من الجوهر ما لا يدرى ما هو، ومعها درع يواقيت وجوهر منسوج بالذهب، فأخذ ما كان معها وخلى سبيلها. فقالت، في الظلمة: أي دابةٍ تحتي؟ قيل لها: دهماء، في الظلمة، فقالت، نجوت.
قال: فأقبلوا على عبد الله بن علي، فقالوا: ما صنعت؟ أدنى ما يكون يبعث أبو جعفر إليها، فتخبره بما أخذت منها، فيأخذه منك، اقتلها،