فهتك الستر عني وقبض بشعري، وأتبع ذلك السوط متني، فضربني تمام ثلاثين، ثم جاءت أمه وإخوته، وأخت له، فانتزعوني من يده، ولا والله ما أقلعوا، حتى زايلتني روحي، وهممت أن أوجره السكين، وإن كان فيه الموت.
فلما خرجوا عني، وهو معهم، شددت ستري، وقعدت كما كنت، فلم ألبث إلا قليلاً حتى دخلت أم جيداء علي تكلمني، وهي تحسبني ابنتها، فاتقيتها بالسكات والبكى، وتغطيت بثوبي دونها. فقالت: يا بنية! اتقي الله ربك ولا تعرضي لمكروه زوجك فذاك أولى بك، فأما الأشتر، فلا أشتر لك آخر الدهر.
ثم خرجت من عندي، وقالت: سأرسل إليك أختك تؤنسك، وتبيت عندك الليلة. فلبثت غير ما كثير، فإذا الجارية قد جاءت فجعلت تبكي وتدعو على من ضربني، وجعلت لا أكلمها، ثم اضطجعت إلى جانبي، فلما استمكنت منها شددت بيدي على فيها، وقلت: يا هذه! تلك أختك مع الأشتر، وقد قطع ظهري الليلة في سببها، وأنت أولى بالستر عليها، فاختاري لنفسك، ولها، فوالله لئن تكلمت بكلمة لأصيحن بجهدي حتى تكون الفضيحة شاملةً، ثم رفعت يدي عنها، فاهتزت الجارية كما تعتز القصبة من الزرع، ثم بات معي منها أملح رفيق رافقته، وأعفه وأحسنه حديثاً، فلم تزل تتحدث، وتضحك مني ومما بليت به من الضرب حتى برق النور، إذا جيداء قد دخلت علينا من آخر البيت، فلما رأتنا ارتاعت، وفزعت، وقالت: ويلك! من هذا عندك؟ قلت: أختك. قالت: وما السبب؟ قلت: هي تخبرك، ولعمر الله إنها لعالمة بما نزل بي.
وأخذت ثيابي منها، ومضيت إلى صاحبي، فركبنا، ونحن خائفان، فلما سري عنا روعنا، حدثته ما أصابني، وكشفت عن ظهري، فإذا