قدحاً، فوقف، فلما شربه قال:
وَكنتُ إذا رَأيتُ فَتىً يُبَكّي ... على شَجَنٍ ضَحِكتُ إذا خلَوْتُ.
فأحسبُني أدالَ اللهُ مِنّي، ... فصِرْتُ إذا سمعتُ بهِ بَكيتُ.
فشغلت بخط ما أنشدنيه ومضى.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن العلاف الواعظ، رحمه الله، بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين قال: حدثنا جعفر بن محمد الصوفي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا زكريا بن إسحاق قال: سمعت مالك بن سعيد يقول: حدثني مشيخة من خزاعة أنه كان عندهم بالطائف جارية متعبدة ذات يسار وورع، وكانت لها أم أشد عبادةً منها، وكانت مشهورة بالعبادة، وكانتا قليلتي المخالطة للناس، وكانت لهما بضاعة مع رجل من أهل الطائف، فكان يبضعها لهما، فما رزقهن الله من شيء أتاهن به.
قال: وبعث يوماً ابنه، وكان فتىً جميلاً مسرفاً على نفسه، إليهن ببعض حوائجهن، فقرع الباب، فقالت أمها: من هذا؟ قال: أنا ابن فلان. قالت: ادخل! فدخل وابنتها في بيتٍ، ولم تعلم بدخول الفتى، فلما قعد معها خرجت ابنتها، وهي تظن أنها بعض نسائهن حتى جلست بين يديه، فلما نظرت إليه قامت مبادرةً فخرجت، ونظر إليها فإذا هي من أجمل العرب.
قال: ووقع حبها في قلبه. فخرج من عندها، وما يدري أين يسلك، فأتى أباه، فأخبره برسالتهن، وجعل الفتى ينحل ويذوب جسمه،