أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال، رحمه الله تعالى، بقراءتي عليه، سمعت أحمد بن محمد بن عروة يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير يقول: كان الجنيد يقول:
لِسَاني كَتُومٌ لأسرَارِكُم، ... وَدَمعي نَمُومٌ لسِرّي مُذِيعْ
وَلَوْلا دُمُوعي كَتَمتُ الهَوَى، ... وَلَوْلا الهَوى لم تكنْ لي دُمُوعْ
ومما وجدته بغير سند في مجموعات بعض أهل العلم قال: وقف شيخ من العرب على مسعر بن كدام، وهو يصلي، فأطال، فلما فرغ قال له الأعرابي: خذ من الصلاة كفيلاً! فتبسم وقال له: يا شيخ! خذ فيما يجدي عليك. كم تعد من سنيك؟ قال: مائة وبضع عشرة سنة. فقال له: في بعضها ما يكفي واعظاً فاعمل لنفسك، فأنشأ الأعرابي يقول:
أُحِبُّ اللّوَاتِي هُنّ مِنْ وَرَقِ الصّبى ... وَفيهِنَّ عَنْ أزْواجِهِنَّ طِمَاحُ
مُسِرّاتُ بُغضٍ مُظهِرَاتٌ مَوَدّةً، ... تَرَاهُنّ كالمَرْضَى، وَهُنّ صَحَاحُ
فقال له مسعر: أف لك من شيخ! فقال: والله ما بأخيك حراك منذ أربعين سنة، لكنه بحر يجيش من زبده، فضحك مسعر وقال: إن الشعر كلام، فحسنه حسن، وقبحه قبيح.