قلت: من البصرة. قال:؟ أترجع إليها؟ قلت: نعم! قال: فإذا دخلت النباج، فاخرج إلي الحي، ثم ناد: يا هلال يا هلال، تخرج إليك جارية فتنشدها هذا البيت:
لقد كنتُ أهوَى أنْ تَكُونَ مَنيّتي ... بعَينَيكِ حتى تَنُظرِي مَيّتَ الحُبّ.
ومات مكانه، فلما دخلت النباج أتيت الحي، فناديت: يا هلال يا هلال، فخرجت إلي جارية لم أر أحسن منها، وقالت: ما وراءك؟ قلت: شاب بمكة أنشدني هذا البيت. قالت: وما صنع؟ قلت: مات، فخرت مكانها ميتة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن النوخي بقراءتي عليه، أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي، حدثنا أبو بكر بن دريد: أنشدنا عبد الرحمن عن عمه:
رُوَيدَكَ يا قُمرِيُّ! لستَ بمُضْمرٍ ... من الشَوْقِ إلا دونَ ما أنا مُضْمِرُ.
ليكفِك أن القلبَ مُذْ أن تَنَكّرَتْ ... أُسَيماءُ عن مَعُروفهِ مُتَنَكِّرُ.
سَقَى اللهُ أيّاماً خَلَتْ وَلَيَالِياً، ... فَلَمْ يَبقَ إلاّ عَهدُهَا المُتذكَّرُ.
لَئِن كانتِ الدّنيا أجدّتْ إساءَةً، ... لمَا أحسَنَتْ في سالِفِ الدّهرِ أكثرُ.