أبيني لنا، لا زَالَ رِيشُكِ نَاعِماً، ... وَلا زِلتِ في خَضرَاءَ غَضٍّ نضِيرُهَا.
وَأُشْرِفُ بِالقَوْزِ اليَفَاعِ لَعَلّني ... أرَى نَارَ لَيلى أوْ يَرَاني بَصِيرُهَا.
وَكُنتُ إذا مَا جِئتُ ليلى تَبَرْقَعَتْ ... فَقَدْ رَابَني مِنها الغدَاةَ سُفُورُهَا.
يَقُولُ رِجَالٌ: لا يَضِيرُكَ نَأيُهَا! ... بَلى! كلُّ ما شَفّ النّفوسَ يَضِيرُهَا.
بَلى يَضِيرُ العَينَ أن تُكثرَ البُكَى، ... وَيُمْنَعَ مِنْهَا نَوْمُهَا وَسُرُورُهَا.
وَقَدْ زَعَمَتْ لَيلى بِأنّيَ فَاجِرٌ، ... لنَفسِي تُقَاهَا، أوْ عَلَيها فُجورُهَا.
فقال لها الحجاج: يا ليلى ما الذي رابه من سفورك؟ فقالت: أبها الأمير، كان يلم بي كثيراً، فأرسل إلي يوماً أني آتيك، وفطن الحي، فأرصدوا له، فلما أتاني سفرت، فعلم أن ذلك لشرٍ، فلم يزد على التسليم والرجوع. فقال: لله درك، فهل رأيت منه شيئاً تكرهينه؟ فقالت: لا والذي أسأله أن يصلحك غير أنه قال لي مرةً قولاً ظننت أنه قد خضع لبعض الأمر، فقتل له:
وذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ: لا تَبُحْ بهَا ... فَلَيْسَ إلَيهَا مَا حَيِيتُ سَبِيلُ.
لَنَا صَاحِبٌ لا يَنْبَغي أنْ نَخُونَهُ، ... وَأنتَ لأخرَى فَارِغٌ وَحَلِيلُ.
فلا والذي أسأله أن يصلحك ما رأيت منه شيئاً. حتى فرق الموت بيني وبينه. قال: ثم ماذا؟ قالت: لم يلبث أن خرج في غزاة له فأوصى ابن عمه: إذا أتيت الحاضرة من بني عبادة، فناد بأعلى صوتك:
عَفَا اللهُ عَنهَا! هَلْ أبِيَنّ لَيلةً ... مِنَ الدّهرِ لا يَسْرِي إليّ خَيَالُها.
فخرجت وأنا أقول:
وَعَنهُ عَفَا رِبي، وَأحسَنَ حَالَهُ، ... فَعَزّ عَلَيْنَا حَاجَةً لا يَنَالُهَا.