قَد كانَ ذا، وَالنّوَى لم تُضْحِ نازِلةً، ... بعَقوَتي، وَغُرَابُ البَينِ لم يَصِحِ.
أيْامَ لمْ يَخْتَرِمْ قُرْبي العِبَادُ، وُلم ... يَغدُ الشَّتَاتُ عَلى شَملي وَلم يَرُحِ.
وَطَائِرٍ طَارَ في خَضْرَاءَ مُورِقَةٍ ... عَلى شَفَا جَدوَلٍ بالرَّوْضِ مُتَّشحِ.
بَكَى وَنَاحَ، وَلَوْلا أنّهُ سَبَبٌ ... لشَجوِ قَلبي المُعَنّى فِيكِ لم يَنُحِ.
فَما ذَكَرْتُكِ، وَالأقْدَاحُ دَائِرَةٌ، ... إلاّ مَزَجتُ بدَمعي بَاكياً قَدَحي.
وَلا سَمِعتُ بصَوْتٍ فيهِ ذِكْرُ نَوىً ... إلاّ عَصَيتُ عَلَيهِ كلَّ مُقْتَرِحِ.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بفسطاط مصر قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن أبي عدي السمرقندي الصوفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن أليسع بالقرافة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمرو الدينوري قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي الخياط قال: قال أبو حمزة محمد بن إبراهيم الصوفي قال: حدثنا أبو كامل الحراني قال: حدثني أبو محمد بن زرعة قال: كان خضر بن زهرة الشيباني من أعبد الصوفية، وأنسكهم وأشدهم اجتهاداً، وأملكهم لنفسه، وكان مقبول القول مطاعاً في بلده، فارساً شجاعاً، ذا مال وافر، فنشأ له غلام قد رباه كأحسن ما رؤي من الغلمان في حفظ القرآن وحفظ الحديث وحجسن المناظرة والأدب والعبادة، وكان قد أخذ عنه، وسمع حتى كان بعض الناس يوازيه به في الفروسية والشجاعة والمعرفة، وكانا ملازمين لغزو، فخرجا في بعض السرايا، فأصيبت السرية، وأفلت منها جرحى، وفيها خضر وغلامه جريحان، مثخنان،