أخبرنا أبو طاهر أحمد بن علي السواق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن فارس الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين الزبيبي قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزباني قال: حدثنا أبو الفضل المروروذي.
قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن صالح قال: كان فتىً من بني مرة يقال له عمر بن عون، وكان يحب جاريةً من قومه يقال لها بيا بنت الركين، فتزوجها رجل من قومه يقال له دهيم، وأبت بيا إلا حب عمر بن عون، وأبى عمر إلا حبها وقول الشعر فيها، فخرج زوجها بها هارباً منه حتى وقع باليمن في بني الحارث بن كعب، فطلبها عمرن فخفي عليه أمرها، ولم يعلم موضعها، فمكث حياً يبكي ويبكي له من عرفه، ثم خرج حاجاً على ناقة له، ومعه صحابة له، وقال: لعلي أتعلق بأستار الكعبة، أسأل الله، فعسى أن يرحمني، فردها علي، أو يذهب بقلبي عن حبها.
فلما كان بمنىً نظر إليه فتىً من بني الحارث بن كعب، فأعجبه فجلس إليه يتحدث معه، وأنشده عمر بعض شعره في بيا، وشكا إليه بعض ما هو فيه من البلاء. فرق له، فقال الفتى، وسأله عن صفتها وصفة زوجها، فوصفها له، فقال الفتى: عندي خبر هذه المراة، وهذا الرجل، منذ سنوات، فخر عمر لله تعالى ساجداً، ثم سأله عن حالها، فذكر أنها سالمة، وأنها باكية حزينة لا يهنؤها شيء من العيش. فقال له عمر: هل لك في صنيعةٍ عند من يحسن الشكر؟ فقال له الفتى: أفعل ماذا؟ قال عمر: تخلف عن أصحابك، وأتخلف عن أصحابي حتى لا يكون عند أحد منا علم، ثم أمضي معك متنكراً. فقال الفتى: ذلك لك في عنقي.
فلما كان النفر تخلف كل واحد منهما عن صاحبه، وأقاما بمكة