فيه ما وجدنا من الغربان لعلة كانت. قلت: وما تلك العلة؟ قلن: فرق بينها وبين أنسٍ كان لها، ففارقت الحياة، فكانت تذمهن عندنا، وتأمر بقتلهن، فأقل ما لها عندنا أن نتمثل ما أمرت به، ولو كان فيك شيء من السواد لفعلنا بك فعلنا بالغربان.
ثم نهضن فمضين، ورجعت إلى أصحابي فأخبرتهم بما رأيت، ثم طلبتهن بعد ذلك، فما وقعت لهن على خبر، ولا رأيت لهن أثراً.
أخبرنا أبو الحسن علي وأبو منصور أحمد ابنا الحسن بن الفضل الكاتب في ما أجازاه لي قالا: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب من لفظه قال: أخبرنا أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: قال الخليل بن سعيد: مررت بسوق الطير، فإذا الناس قد اجتمعوا يركب بعضهم بعضاً، فإذا أبو السائب قائماً على غراب يباع قد أخذ طرف ردائه وهو يقول للغراب: يقول لك قيس بن ذريح:
ألا يا غُرَابَ البَينِ، قد طِرْتَ بالّذي ... أحاذِرُ من لُبنى، فَهَل أنتَ وَاقِعُ؟
ثمّ لا تَقَع، ويضربه بردائه والغراب يصيح.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني عبد الجبار بن عبد الأعلى قال: قال خندف بن سليم: حدثني أحمد بن هود أن لبنى أمرت غلاماً لها فاشترى لها أربعة غربان، فلما رأتهن بكت وصرخت، وكتفتهن، وجعلت تضربهن بالسوط