حتى متن جميعاً، وجعلت تقول بأعلى صوتها:
لقد نادى الغُرَابُ ببَين لُبنى ... فطارَ القَلبُ من حَذَرِ الغُرَابِ.
فَقُلتُ: غَداً تَباعدُ دارُ لُبنى ... وَتَنْأَى بَعدَ وُدٍّ واقترَابِ.
فَقُلتُ: تَعِستَ وَيحَكَ من غُرَابٍ ... أكُلَّ الدهرِ سَعْيُكَ في تَبابِ.
لقَد أولِعتَ، لاقَيتَ خَيراً، ... بِتَفرِيقِ المحِبِّ عن الحِبَابِ.
فدخل زوجها، فرآها على تلك الحال، فقال: ما دعاك إلى ما أرى؟ قالت: دعاني أن ابن عمي وحبيبي قيساً أمرهن باوقوع فلم يقعن حيث يقول:
ألا يا غُرَابَ البَين، قد طِرْتَ بالذي ... أُحاذِرُ من لُبنى، فَهَل أنتَ وَاقعُ؟
فآليت أن لا أظفر بغراب إلا قتلته، قال: فغضب، وقال: لقد هممت بتخلية سبيلك، فقالت: لوددت أنك فعلت، وإني عمياء، فوالله ما تزوجتك رغبةً فيك، ولقد كنت آليت أن لا أتزوج بعد قيس أبداً، ولكني غلبني أبي على أمري.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة في ما أجاز لنا قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عكران المرزياني إجازة قال:
أعادُ من حُبِّكِ لا من ضَنىً ... وأكثرُ العُوَّادِ أشراكي.
وَلَستُ أشكوكِ إلى عَائِدٍ، ... أخافُ أن أشكو إلى شاكي.
إن كنتُ لا أبكي حِذارَ العِدى، ... فإنّ قَلبي أبَداً باكي.