ثم عقب عليه بقوله: "وهذا البيت الآخر يدل على أنه قيل في الإسلام، وهو شبيه بقول الله تبارك وتعالى {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور} أو كان لبيد قبل إسلامه يؤمن بالبعث والحساب؛ ولعل البيت منحول".

-3-

تلك هي إشارات القدماء من الرواة العلماء. في القرنين الثاني والثالث، إلى الوضع والنحل في الشعر الجاهلي. وقد قصدنا إلى أن نُلم بها بعض الشيء ليستبين لنا وجه البحث، وليكون تعقيبنا عليها -حين نعقب بعد صفحات1- وافيًا مستوعبًا. ومع ذلك فقد أغفلنا الإشارة إلى اثنين من هؤلاء العلماء هما: عبد الملك بن هشام صاحب السيرة النبوية "المتوفى سنة 218هـ"، ومحمد بن سلام "المتوفى سنة 231هـ" صاحب كتاب طبقات الشعراء، وقد ادخرناهما لنختصهما وحدهما بالعرض والتعقيب، إذ إن إشاراتهما في كتابيهما أصبحت بعدُ ركيزةً من ركائز الذين يشكون في الشعر الجاهلي من المحدثين، وصار الكتابان معلمين من معالم هذا البحث.

أما ابن هشام فعمله في السيرة قائم على ما صنفه محمد بن إسحاق "المتوفى سنة 152هـ"، فقد تعقب ما أورده ابن إسحاق فاختصر بعضه، ونقد بعضه، ثم ذكر روايات أخرى فات ابن إسحاق ذكرها، ويعنينا نحن من ذلك ما وصف به عمله هذا من قوله2: "وتارك بعض ما يذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب، مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببًا لشيء من هذا الكتاب، ولا تفسيرًا له، ولا شاهدًا عليه، لما ذكرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015